بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور…
بلاغ اعداد الموازنة العامة للعام القادم
أصدرت الحكومة البلاغ رقم (16) لسنة 2023 لإعداد مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع نظام تشكيلات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية للسنة المالية 2024 ، ويمثل هذا البلاغ الخطوة قبل الأخيرة والتي بعدها يفترض أن تقوم الحكومة بإقرار مشروع قانون الموازنة العامة تمهيداً لتقديمه الى مجلس الامة قبل الأول من شهر كانون أول القادم وفقاً لما ينص عليه الدستور من الاجراءات التشريعية ذات العلاقة.
ويتضمن البلاغ ابرز التوجهات التي تم الاستناد لها لغايات تقديرات مشروع القانون والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية إضافة الى الفرضيات المتعلقة بالإجراءات المالية التي اعتمدت في تقدير النفقات والايرادات.
ووفقاً للبلاغ من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنسبة 2.7% خلال العام القادم، وبنسبة 3% لعامي 2025، 2026، أما التضخم فمن المتوقع أن تصل نسبته الى 2.6% خلال العام القادم وأن ينخفض الى 2.5% خلال العامين التاليين، وعلى صعيد الصادرات فقد أشار البلاغ الى توقعات بتراجعها بنسبة 4% في عام 2024 لتعاود الارتفاع بنسبة مشابهة في العام الذي يليه.
ومن المهم هنا الإشارة الى أن المؤشرات الاقتصادية المتوقعة جاءت بعد التوصل مؤخراً الى اتفاق جديد للإصلاح المالي والنقدي مع صندوق النقد الدولي يمتد للسنوات الأربع المقبلة وبموجبه سوف تحصل المملكة على تمويل من الصندوق يصل إلى 1.2 مليار دولار،كما قامت وكالة فيتش بتثبيت التصنيف الائتماني السيادي للمملكة مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وتكتسب هذه التطورات أهمية خاصة في المرحلة الراهنة التي تتصف بالضبابية وعدم التأكد في ظل الصراعات والاضطرابات الإقليمية التي من أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة وما يمكن أن تؤول له التطورات المستقبلية.
وبالرغم من أن نسبة النمو المتوقعة إيجابية الا أنها لا ترقى الى الطموحات التنموية التي تضمنتها رؤية التحديث الاقتصادي، أما تراجع الصادرات فلا شك بانه مدعاة لتكثيف الجهود التي تبذل لزيادة تنافسية السلع الأردنية والعمل بشكل فعال لفتح أسواق جديدة والتفكير بجدية في الاستفادة من الفرص التي تتيحها الاتفاقيات التجارية الموقعة مع العديد من دول العالم.
الظروف الإقليمية الراهنة تطرح تحديات جدية أمام الأردن وطموحاته الاقتصادية والتنموية الا انه وفي ذات الوقت لا بد أن نؤمن بقدرة الاردن ونقاط القوة التي يتمتع بها والتي يمكن عبرها أن نحول التحديات الى فرص والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة.
ونحن اليوم ورغم كل الظروف وطبيعة العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة نتوقع الحصول على المنح والمساعدات كما قدر لها.
كما أن المشاريع التي تم توقيع مذكرات تفاهم او اتفاقيات بشأنها مع عدد من الدول في الإقليم تؤكد القدرة على المضي قدماً في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي ورفع مستوى معيشة المواطنين ومواصلة تحديث وتطوير الخدمات، وكذلك فالرسائل الإيجابية من الجهات والمؤسسات الدولية بما فيها صندوق النقد ووكالات التصنيف الدولية تساهم في تعميق وتعزيز الثقة بأداء الاقتصاد الأردني وإمكانياته المستقبلية وقدرته على تجاوز الصعوبات والمضي قدماً في تحقيق الإنجازات.
الموازنة التي تعد جيداً ويتم تحديد أولوياتها بما يتناسب مع الظروف الحالية تشكل أداة هامة لمواصلة الإصلاح الذي يخدم المصالح الوطنية ويؤمن شبكة حماية اجتماعية ويعزز نقاط القوة ويساهم في التغلب على التحديات ويؤمن مسار نمو مستقبلي مستدام يتعامل بكفاءة مع الصعوبات المزمنة التي تعانيها المالية العامة بما فيها العجز وتراكم المديونية وارتفاع أعبائها التي تقلص الحيز المالي المتاح للإنفاق على المشاريع الرأسمالية والتنموية التي تولد فرص العمل وتنعكس ايجاباً على حياة المواطنين وجودة الخدمات المقدمة لهم، هذا في حال تم انجاز مرحلة التنفيذ بكفاءة وفاعلية وقدرة ديناميكية على مواكبة المتغيرات والاستجابة لمتطلباتها في اطار من الشفافية والحوكمة الرشيدة والمساءلة التي تعزز الثقة وتبث الطمأنينة.