رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني ورئيس مجموعة أماكو علي محمود العبد الله
يوماً بعد يوم، يثبت القطاع الخاص ورجال الأعمال اللبنانيين إنهم عصاة على اليأس، وهم يواصلون جهودهم الجبارة وفي كل الإتجاهات لتقوية قدرتهم على الصمود وكذلك لإحداث خرق إيجابي يمكن ان يُغَيِّر المَشهَد الإقتصادي في لبنان.
وفي هذا الإطار، يُمكن القول بأن زيارة رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني ورئيس مجموعة أماكو علي محمود العبد الله إلى الصين تصب في هذا الإتجاه، خصوصاً أن العبد الله من القيادات الإقتصادية التي بذلت في السنوات الماضية جهوداً مضاعفة لإبقاء لبنان حاضراً لدى الصين خصوصاً في برامجها الإقتصادية المتعلقة بالمنطقة.
وأشار العبد الله الى أنه “أجرى خلال زيارته الى الصين العديد من اللقاءات مع المعنيين في هذا البلد الصديق، حيث جرى البحث خلالها في تعزيز التعاون مع تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني بهدف تطوير وتنمية العلاقات بين القطاع الخاص اللبناني والصيني خدمةً الإقتصاد اللبناني”.
ولفت العبد الله الى أنه زار عدداً من الشركات الصينية الكبرى، وهو سيقوم خلال الأيام المقبلة بزيارات أخرى لعدد من المصانع ولتجمعات الشركات للإطلاع على التكنولوجيا الحديثة وإمكانية نقلها الى لبنان لتقوية تنافسية الإقتصاد اللبناني.
وأوضح ان البحث تناول وبشكل أساسي ايضاً، إستثمار بعض الشركات الصينية في لبنان، كاشفاً عن تحقيق تقدم في هذا الإطار، “لكن تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع يتطلب إستقراراً سياسياً ناجزاً في لبنان”.
وأكد العبد الله ان “الصين تنظر إلى لبنان بإعتباره شريكا استراتيجيا على خارطة الحزام والطريق الصينية، وبوابة مناسبة للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، ومكوّنا رئيسيا في النسيج الاقتصادي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط”.
وقال العبدالله عن أنه “لطالما عبرت الصين عن اهتمامها برفع حجم الاستثمارات في لبنان”، لافتاً إلى أن “سياسة الصين الإستثمارية في لبنان تأخذ بالإعتبار مجموعة عوامل أهمها الإستقرار السياسي والإقتصادي في لبنان من جهة، وتأثير الدول الكبرى على الملف اللبناني من جهة أخرى. ولا يجوز أن نغفل أهمية تطبيع العلاقات السعودية – الإيرانية والسعودية – السورية، وانعكاسه على فرص رفع مستوى الاستثمارات الصينية في لبنان.”
العبدالله خلال زيارته الصين
وشدد العبدالله على أن “لبنان ليس جزيرة معزولة اقتصاديا وسياسيا بالنسبة للصين، إذ أنها تنظر إليه بإعتباره ركنا أساسيا من أركان علاقاتها الإقتصادية والسياسية مع كل دول الشرق الأوسط. وهذا أمر لمسناه بوضوح خلال القمة العربية الصينية في الرياض في ديسمبر الماضي، عندما التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالرئيس الصيني شي جين بينغ. وخلال الإجتماع بين الطرفين ركز الرئيس الصيني على أهمية توسيع العلاقات الثنائية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي من جهة، والعمل على إطلاق مشاريع الطاقة المتجددة في لبنان من جهة أخرى”.
واعتبر العبدالله أن “هذا اللقاء بين الطرفين، يعيد إلى الأذهان زيارات الوفود الصينية إلى لبنان قبل وخلال الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد”، مشيرا إلى أن “هذه الوفود ركزت على الأنشطة المحتملة للصينيين في لبنان والتي تتركز على إقامة بنية تحتيّة تضمن بناء اقتصاد قوي”.
وكشف العبدالله إنه “في العام 2020 أبدى وفد صيني أمام رئيس الحكومة السابق حسان دياب استعداد الشركات الصينية للتعاون في مجال إنتاج الكهرباء، وميادين أخرى، مثل: سكك الحديد، معالجة المياه، النفط، ادارة ملف النفايات وتطوير مشاريع صناعية، بالإضافة إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”.
وقال العبدالله: “غني عن الذكر إن عملاقة الاتصالات والتكنولوجيا الصينية هواوي لديها حضور قوي في لبنان وساهمت في تطوير شبكات الاتصالات النقالة والثابتة، كما لديها مشاريع تعاون مع مختلف القطاعات ومن بينها الاقتصادية والتربوية والصحية”.
وأضاف: “لا يجب أن ننسى أنه في العام 2017، وقّع لبنان والصين على مذكرة تفاهم للقيام بالترويج المشترك للتعاون في إطار الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحرية للقرن الـ 21. ونصّت المذكرة على التعاون في مجالات مثل النقل واللوجستيات، والاستثمار والتجارة، والبنى التحتية والطاقة المتجدّدة والتبادل الثقافي وغيرها من المجالات”.
أما على مستوى العلاقات التجارية، فأشار العبدالله إلى ان ” صادرات لبنان إلى الصين لا تزال خجولة جدا، ولا تقارن بالواردات اللبنانية من الصين”.
وأشار العبدالله إلى أنه “بحسب أرقام الجمارك، بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى لبنان نحو 2.675 مليار دولار عام 2022 فيما بلغت قيمة صادرات لبنان إلى الصين بضعة ملايين من الدولارات. وهذا أمر لا يبشّر بخير على مستوى تنمية الصادرات اللبنانية”.
ودعا العبدالله إلى الواقعية في علاقات لبنان مع الإستثمارات الأجنبية وعلى رأسها الاستثمارات الصينية. فالصين تحتاج إلى شريك موثوق في لبنان قادر على تأمين مناخ استثماري مستقر يرحّب برؤوس الأموال. أما حاليا، فلم يحسم لبنان أمره لا إزاء الاستثمارات الصينية ولا إزاء علاقاته الدولية عموما. كما لم يُطلق لبنان خطة خروجه من الأزمة الاقتصادية، ولم يبادر إلى طرح حلّ يوزّع من خلاله الخسائر الهائلة التي مُني بها مع الانهيار الاقتصادي، ولم يتم وضع خطة لإعادة بناء القطاع المصرفي والاقتصاد عموما. كما لم تبادر القوى السياسية في لبنان إلى الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وتاليا تشكيل حكومة تتمتع بالثقة العربية والدولية”.
وقال العبدالله: ” علينا أن نسأل أنفسنا، كيف نريد من الآخرين مساعدتنا إذا لم نساعد أنفسنا أولا؟”.
وأكد العبدالله إن “الإستثمارات الصينية الهائلة التي يمكن أن تتدفق إلى لبنان، لا تتعلق فقط بالصين والحكومة الصينية التي تكنّ كل الإحترام لبلدنا، بل تتعلق ببلدنا وبقيادته وبترسيخ مناخ سياسي توافقي يشجّع على إطلاق مرحلة جديدة من الإزدهار والإستثمارات الأجنبية المباشرة”.