تحالف متحدون:
تبييض أموال المودعين بعد سرقتها وعملاء المصارف ينشطون في جمعيات للمودعين ولا خلاص سوى بالاتحاد
أربع سنوات مضت على سرقة المال الخاص المتمثّل بأموال المودعين ومدّخراتهم، تلت نهب المال العام. المصارف غدت تشبه كل شيء إلا المصارف: ارتكابات بالجملة من إساءة الائتمان إلى السرقة فتبييض الأموال والتزوير والابتزاز والإفلاس الاحتيالي الإجرامي إلى منصّات وعمولات وشيكات وتعاميم النصب، إلى ما هنالك من موبقات تجعل من الثقة بها وبأصحابها الذين تمادوا في إزهاق الحقوق وحتى الأرواح صفراً.
سرقة العصر وأخطر الجرائم والإذلال والامتهان لكرامات الناس وإبادة ممنهجة لوطن وشعب، ولا قضاء ولا محاسبة ولا شفافية. لا إعلان واضح بعد عن كيفية التصرف بأموال المصارف، أموال المودعين، التي لم ينشر مصرف لبنان حتى الساعة ورغم كل ذلك ورغم ما أعلٍن “موجوداتها” لديه. تواطؤ مريب جداً من قبل مصرف لبنان حول التمنع عن إعلان إفلاس المرتكب أو المتعثّر منها على الأقل، ما دفع مصارف مفلسة بالفعل إلى أن تعلن خسائرها أرباحاً، في إنكار خبيث للواقع وتحوير للحقائق وعدّة نصب وتضليل بدأت مع تعدد أسعار الصرف المتعمّد والتلاعب بالميزانيات وضرب لأدنى معايير العمل المصرفي وحتى لنظام الإفلاس العالمي بعد ما ارتُكب على مرأى كل العالم، فيما حكومات كثيرة اختارت التفرّج على سحق وطن وشعب على المحاسبة التي ما انفكّت تنادي بها بعد الإعلان عن المعاهدات الدولية لمكافحة الفساد، والتي ما زال القضاء المختص بمنأى عنها رغم اعتبارها بمرتبة الدستور.
السؤال المهم: ماذا جنى المودعون من كل ذلك سوى الظلم والخيبات المتتالية؟ والسؤال الأهم: ماذا جنوا من كثير من الضجيج الحاصل الذي لا يبشّر إلا بسرقات أخرى تستبدل فيها الأسماء وتتبدّل فيها الأقنعة والمافيا واحدة؟ من يضبط مافيا المال، من المصارف الحالية إلى تلك التي يجري التبشير بها إلى شركات المال مثل OMT وسواها التابعة لمؤسسات مالية عالمية مثل وستيرن يونيون (Western Union) التي يُفترض بها الابتعاد الكامل عن شبهات تبييض الأموال؟ أوليست الدعاية المضللة نفسها وشعارات الإغراء التي رفعتها المصارف نفسها والجناة أنفسهم، يطلّون برؤوسهم تحت عناوين مختلفة للتمادي في عمليات تبييض أموال المودعين عوضاً عن ردّها؟
يبقى الأكثر أهمية: إذا استمر التعاطي مع قضية المودعين كما يحصل الآن فأموال المودعين ستذهب أدراج الرياح، بعد السطو عليها والأخطر منه استعمالها بشكل مريب ومتفاقم في عمليات تبييض الأموال من قبل أصحاب المصارف وأعوانهم في مافيا المصرف المركزي والحكومة، وما “فوري” أو “أوبتيموم” وكثر غيرهما سوى غيض من فيض ما جرى توثيقه والكشف عنه منذ أشهر وسنين من قبل محامي تحالف متحدون أمام القضاء، فكان الرد بالتعتيم والتشويه وبإقصائهم عن الدعاوى المدّعين فيها كأصحاب صفة لإخلاء الساحة لمسرحيات حماية المرتكبين الحاصلة.
ليس هذا فحسب، بل إن النتائج الأولية التي حقّقتها جهود مضنية للمودعين ومحاميهم والتي أبقت قضية المودعين حيّة ومستمرة يراد لها أن تضمحل، على غرار اغتيال الصحوة التي حقّقتها الصيحات الأولى لثورة تشرين، وعلى أيدي من يدّعون بأنهم “أصحاب القضية” هذه المرة أيضاً. فكيف يمكن تفسير الفضائح التي طفت إلى السطح في الأيام الأخيرة بعد تسريب المصارف لتفاصيل صفقات مالية مع أعضاء في جمعيات للمودعين مقابل تعهدات بعدم التعرّض واستنسابية في التصدي للمصارف تبعاً لمنسوب الأموال المتقاضاة من أصحاب المصارف، ما يمتنع تحالف متحدون عن الخوض في نشره معتبراً أن اتحاد المودعين يجب أن يتقدّم على أي شأن أم نزاع مهما كانت الاختلافات إن كان لقضية المودعين أن تصل إلى أي نتيجة مرضية.
يأتي هذا في وقت تعرّض عدد من المتظاهرين أمام مصرف لبنان الخميس الفائت لمضايقات إثر نشرهم لملصقات تحمل صور أصحاب المصارف، جرت محاولات تمزيق بعضها من قبل عملاء لهم بستار متظاهرين آخرين يدّعون بأنهم ضمن بعض جمعيات المودعين، لم يشأ التحالف إثارتها حينها ولا حتى الآن كون هؤلاء مشتركين أيضاً في محاولات الاعتداء المعنوي والجسدي على المحامي رامي علّيق وصولاً إلى تأليف جمعيات أشرار والاشتراك في الاعتداءات ومحاولات القتل التي كانت فتحت فيها النيابة العامة الاستئنافية في بيروت محضراً فورياً بالجرم المشهود بتاريخ ٢٨ تموز ٢٠٢٣ إثر محاولة الاعتداء على المحامي علّيق في منزله في محلة الأشرفية، الأمر الذي يؤجّل التحالف كذلك الخوض فيه الآن تفادياً لاستباق التحقيقات الجارية على يد النقيب مطر في مكتب تحرّي بيروت بمعاونة أجهزة أخرى، ما يأمل محامو متحدون وصولها إلى كشف الحقيقة في ضوء الأدلة والوثائق والصور والتسجيلات الثابتة في حوزة قوى الأمن ومديريتي المخابرات وأمن الدولة، رغم التأخّر غير المبرر الحاصل لحوالي الشهر ونصف الشهر والجناة ما زالوا طلقاء!
وفي وقت يتابع أعضاء النواة التأسيسية لهيئة التنسيق والإدارة في اتحاد المودعين جولاتهم في المناطق وتواصلهم مع المغتربين تمهيداً لإشراك المودعين هناك في تأسيس الاتحاد، يستمر إزهاق حقوق المودعين وما يرافقه من نصب ونهب في ظل غياب أي دور ملموس للقضاء، وفي ظل هدير لأصوات محركات حاكم المركزي بالإنابة لم يصل المودعين منها على أرض الواقع غير الصوت، مع تعاظم الخشية من أن يكون تركّز جهود الأخير في المكان الخطأ وسط تواطؤ مريب جداً حول التمنع عن إعلان توقف أي مصرف مرتكب أو متعثر على الأقل عن الدفع في ضوء ما ورد، عدا عن الغموض والالتباس المستمرّين في الأرقام المعلنة من قبل المركزي حدّ عدم إدراج “الاحتياطي الإلزامي” للودائع كموجودات فعلية لدى المركزي في خانة “المطلوبات”!