الأزمات المتفاقمة، لبنان يوافق على إصلاحات تاريخيّة في الضمان الاجتماعي ويؤسس لنظام التقاعد طال انتظاره للعاملين في القطاع الخاص
يُعتبر التشريع الجديد، الذي أُعدَّ بدعمٍ فنيٍّ متواصل من قبل منظمة العمل الدولية على مدى عدة سنوات، من بين أهم الإصلاحات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي شهدها لبنان في خلال العقود الثلاثة الماضية. وتتجه الأنظارُ الآن نحو ترجمته على أرض الواقع.
15 ديسمبر 2023
بيروت (أخبار منظمة العمل الدولية) – أقرَّ مجلس النواب اللبناني قانوناً يُنشئ نظاماً شاملاً للمعاشات التقاعديّة للعاملين في القطاع الخاص ويُعيد تشكيل إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
لم تتكلل بالنجاح المحاولات السابقة التي امتدت على مدى ثلاثة عقود لاستبدال نظام تعويضات نهاية الخدمة في لبنان بنظام معاشات تقاعديّةٍ حديث. وحتى الأمس القريب، كان لبنان واحدًا من دولتين في المنطقة العربية ليس لديهما مخطط يحمي العمّال المؤمَّن عليهم الذين يتمتعون بمنافع دوريّة طويلة الأمد عند التقاعد والوفاة والعجز.
قدَّمت منظمة العمل الدولية دعمًا فنيًّا واسع النطاق إلى اللجان البرلمانية ذات الصلة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومنظمات العمّال وأصحاب العمل في لبنان للتوصل إلى توافقٍ في الآراء بشأن تصميم المخطط ومعاييره وصياغة النص النهائي للتشريع الذي اعتمده مجلس النواب، وضمان مواءمته مع معايير العمل الدوليّة للضمان الاجتماعي.
وقالت المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية د. ربا جرادات: “نهنئ جميع الشركاء في لبنان على تحقيق هذا الإنجاز التاريخي. ففي وقت يعاني فيه لبنان من أزمات اجتماعيّة واقتصاديّة غير مسبوقة، تتضح مليًّا الحاجة إلى تعزيز الإصلاحات الهيكليّة على أنّها أمرٌ ممكنٌ، ولا مفر منه”. وأضافت: “إنَّ تعزيز آليّات الحماية الاجتماعية العامة وتحسين أداء المؤسسات الوطنيّة أمرٌ بالغ الأهميّة لضمان أن يكون الانتعاش الاقتصادي مصحوبًا بتعزيز العدالة الاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها”، منوِّهةً بالتعاون مع وزراء العمل الذين قادوا هذا المسعى.
ويعتبر نقولا نحاس، الوزير والنائب السابق الذي ترأس اللجنة النيابية الفرعية التي تولّت مراجعة مشروع القانون ووضعت اللمسات النهائية عليه في المجلس التشريعي السابق، أنّ ما تحقق إنجازٌ كبير للبنان. وعقِّب قائلاً “لقد تابعنا هذا التشريع التحويلي منذ سنوات ويسرّنا أن يُقرَّ اليوم فهو يمثل خطوةً حاسمةً إلى الأمام بالنسبة لبلدنا نظرًا للفائدة التي سيعود بها على كلٍّ من العمّال وأصحاب العمل. ونأمل أن يُحقق التنفيذ الأهداف المرجوَّة في الوقت المناسب”.
تضرر كبار السن في لبنان بشدةٍ نتيجة الأزمات غير المسبوقة التي ابتليت بها البلاد منذ عام 2019 – بدءًا بانهيار الاقتصاد إلى جائحة كوفيد-19، وانفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020. إنَّ ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في جميع أنحاء البلاد، إلى جانب عدم كفاية نظام الحماية الاجتماعية، جعل من الصعب على الجميع تلبية احتياجاتهم الأساسية، وأثَّر سلبًا في الرفاه الاجتماعي والجسدي لكبار