بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد أبو حمور…
تحفيز الصادرات وضرورات المرحلة
تشير أغلب التوقعات الاقتصادية الى صعوبة المرحلة المقبلة، ولا يقتصر الامر على الاحداث الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم في الوقت الراهن، فالاقتصاد الأردني وبالرغم من الإنجازات التي تحققت الا انه لا زال يواجه عدداً من التحديات المزمنة والتي تم التعامل مع كيفية مواجهتها لدى صياغة رؤية التحديث الاقتصادي.
ولعل قطاع الصادرات من أهم القطاعات التي لا بد أن تولى عناية خاصة، فالصادرات من أهم روافد تنمية الاقتصاد الوطني المولدة لفرص العمل والمساهمة في رفع التنافسية وتحسين الكفاءة، كما أنها من المحركات الأساسية التي تساعد على التوسع في الإنتاج وزيادة إنتاجية العمل وجلب مزيد من العملات الأجنبية، وفي ذات السياق ينعكس ارتفاع الصادرات ايجاباً على مستوى معيشة المواطنين عبر توليد مزيد من فرص العمل وتحسين ظروف العاملين وبناء مزيد من الاحتياطيات من العملات الاجنبية.
والأردن يحظى بقاعدة صلبة تتيح لمنتجاته الانطلاق والمنافسة في الأسواق الخارجية، بما في ذلك الاتفاقيات التجارية التي تربطه بالعديد من دول العالم وقدرة ووعي القطاع الخاص وكوادره المدركة لأهمية الصادرات وعلاقاته الوثيقة مع الجهات الفاعلة في الأسواق الخارجية.
هذا بالإضافة الى أن القطاع المصرفي يوفر بدائل تمويلية مناسبة لغايات التصدير، كما أن هناك برامج للترويج ومعارض تقام داخل وخارج المملكة تساعد في التعرف على الفرص التصديرية في مختلف الأسواق، واستطاعت المنتجات الأردنية الوصول الى مائة وأربع وأربعين دولة حول العالم وبأكثر من ألف وأربعمائة سلعة منتجة في الأردن، وهذا ما يؤكد قدرة السلع الأردنية على المنافسة وولوج مختلف الأسواق العالمية.
تبين الإحصاءات أن الصادرات الأردنية قد بلغت خلال الشهور الثمانية الأولى من هذا العام ما يقارب 6.1 مليار دينار، وهي لا تختلف كثيراً عن ما تحقق خلال نفس الفترة من العام الماضي، أما المستوردات فقد بلغت حوالي 12.3 مليار دينار وبانخفاض نسبته 6% مقارنة بالعام السابق، وهذا ساهم في انخفاض العجز التجاري بنسبة تقارب 11%، والمتأمل لتفاصيل هذه الأرقام سيجد أن صادرات البوتاس والفوسفات والاسمدة قد تراجعت بشكل واضح وبنسب تبلغ على التوالي حوالي 33% و 21% و16%، ومن المعروف أن جل هذه الصادرات تذهب للأسواق الاسيوية غير العربية، والتي انخفضت الصادرات لها بحوالي 17%، ولعل السبب الرئيسي لهذا الانخفاض يعود الى تراجع الأسعار، أما الألبسة وتوابعها، وأغليها يتجه للسوق الامريكية، فقد انخفضت بنسبة 11%.
ومن الملاحظات المهمة حول اتجاهات التجارة الخارجية خلال الفترة المشار اليها أعلاه ارتفاع الصادرات الى دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى بحوالي 19%، وهذا يؤكد أن تعزيز التكامل وتوثيق التعاون مع الدول الشقيقة يعد عاملاً أساسياً في تعزيز الصادرات وتمكينها من اقتناص الفرص المتاحة في الأسواق المجاورة والاستفادة من التقارب الجغرافي والثقافي بين دول المنطقة، ولعل تكامل وتعاون دول المنطقة سيؤدي لدعم وتعزيز القدرات الإنتاجية والاستفادة من المزايا النسبية، وهذا في النهاية يخدم المصالح المشتركة ويساعد في التغلب على التحديات مما يشكل قاعدة للسعي نحو تنمية مستدامة تعود نتائجها على مواطني هذه الدول.
وتشير مصادر غرفة صناعة الأردن الى أن الأردن لديه فرص تصديرية غير مستغلة تقدر قيمتها بحوالي 4.4 مليار دولار، واستغلال هذه الفرص سيعمل على توفير 130 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ولا شك بان الاستفادة من هذه الفرص تحتاج الى جهود حثيثة وتعاون وثيق بين الجهات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص، وبما يمكن السلع الأردنية من تجاوز العقبات البيروقراطية ويساهم في تقليص كلفة الإنتاج وخاصة تلك المرتبطة بمصادر الطاقة والنقل وكلفة التمويل، مع بذل الجهود في مجال الترويج والحرص على أن يتم تقييم الاستراتيجيات والبرامج الهادفة الى دعم وتحفيز الصادرات وفق مؤشرات قابلة للقياس ومؤطرة زمنياً.
كما انه من المهم أن تحظى الفرص الاستثمارية أو جهود توسيع الاستثمارات المرتبطة بزيادة الإمكانيات التصديرية بمعاملة تفضيلية خاصة تلك التي يتوقع لها أن تساهم في تنويع السلع الأردنية وأن تفتح أسواقاً جديدة.