مقابلة مع “المدن”:
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في حديث لجريدة الـ”المدن” الالكترونية أن “العمل جارٍ على المبادرة التي أطلقتها القوات اللبنانية بضرورة نشر الجيش جنوباً ليكون الجهة الوحيدة، مع قوات حفظ السلام، التي تحمي الحدود. بعض الناس “يستهولون” الفكرة الآن، لكن في الظروف الصعبة يجب طرح الأمور كما هي. وإن اجتماعاتنا واتصالاتنا مستمرة للوصول إلى أفضل صيغة لطرح الموضوع”.
يضيف جعجع “أسهل الوسائل وأقصرها هو أن تبادر الحكومة للدعوة إلى اجتماع يطرح فيه الموضوع. سوف ننتظر بضعة أيام علّ مثل هذه “العجيبة” تحصل. في هذه الأثناء، نبحث مع بعض حلفائنا تحضير عريضة تُرفع إلى المجلس النيابي لعقد جلسة خاصة، يصدر عنها توصية استثنائية تُرسل للحكومة في هذا الخصوص”.
ماذا إذا تعذّر هذا الطرح أو ذاك؟ يجيب جعجع “لا يبقى أمامنا إلا المطالبة السياسية ورفع الصوت والتأكيد على وجوب حماية لبنان. هذه معركة لا مصالح حزبية أو فئوية فيها. هنا نتحدث عن مصير لبنان واللبنانيين”.
“حيّدوا بلدكم”
وعن اعتبار بعضهم أن طرح القوات بإرسال الجيش إلى الجنوب راهنا نوعاً من “الطوباوية”، يقول جعجع “ليس طوباوياً على الاطلاق. أُذكّر الجميع أن القرار 1701 الذي تبنته الحكومة اللبنانية بالإجماع، ومن ضمنها حزب الله، يقضي بعدم وجود مسلحين ولا سلاح إلا للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل”. يضيف “إذا كانت إسرائيل تخرق هذا القرار، فعلينا نحن أن نطبّقه لنكون بمأمن وننزع أي مبررات للعدوان الاسرائيلي”. ويتابع “كانت اسرائيل تتمنى أن تقوم بما تقوم به بغزة اليوم منذ زمن. لكنها وجدت المبرر بما حصل في 7 تشرين. بالتالي، قد تكون نوايا اسرائيل عدائية لكن لا يجب إعطاؤها المبررات”.
ويعتبر جعجع أن مبادرته “بسحب حزب الله والمسلحين من الجنوب، تعزز فرص إنقاذ لبنان وهذا ما تنصحنا به كل الدول: حيّدوا بلدكم”.
التراجع عن “لبنان أولاً”
بسؤال الدكتور جعجع عن “الجو العام في البلد الذي يوحي باستعادة خطاب المقاومة والحرب وتراجع فكرة لبنان أولاً لحساب وحدة الساحات ربما” يجيب: “بصراحة، لست مع هذا التوصيف. صحيح خرجت بعض الأصوات كالجماعة الإسلامية المتعاطفة مع حماس بوجوب مشاركة لبنان بالحرب، لكن في المجلس النيابي اللبناني 27 نائباً سنيّاً لا يتحدثون هذه اللغة،
كما إني لم أشاهد مظاهرات بالالآف تدعو إلى مثل ذلك. الأكيد، أن جميع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين متعاطفون مع القضية الفلسطينية. ولو كانت هذه القضية وجدت طريقها للحل لما أمكن لحماس أو غيرها من القيام بما قامت به. ولو طُبقت قرارات القمة العربية واعتمد حل الدولتين لما وصلت الأمور إلى مثل هذا الواقع”.
نزاع أميركي-إيراني
ويشدد جعجع “المطلوب في الوقت الحاضر تجنيب إدخال لبنان في أتون النار. ما يحصل هو مصارعة كبيرة بين أميركا وإيران، ولا مبرر إطلاقاً لأن ينخرط لبنان، من خلال حزب الله، في هذا الصراع. ولا علاقة لذلك بتعاطف الشعب اللبناني، قلباً وقالباً، مع القضية الفلسطينية”.
وهل الموقف من حزب الله ينسحب على “النازحين من الجنوب”؟ وما هي “توجيهات” القوات اللبنانية لمناصريها في هذا السياق؟
يؤكد جعجع إن “الموقف من حزب الله لا علاقة له بالتضامن الانساني بين اللبنانيين. فالمواطن الشيعي، حتى المتعاطف مع الحزب، لا ذنب له”.
حلّ على حساب لبنان؟
وعما إذا كان جعجع يتخوّف من أن يأتي أي حلّ على حساب لبنان بطريقة أو بأخرى، يقول لـ”المدن”: “هذا أمر غير وارد. أستند في ذلك إلى اتصالات واسعة مع مراجع ديبلوماسية عربية وغربية. كما أن تحليل الأمور بمنطق يقود إلى النتيجة نفسها”. ويضيف “بعد كل أزمة كبرى لا بد من تسوية كبرى. وما سمعته من أوساط ديبلوماسية يؤكد على وجوب إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية. والحل بالدولتين من وجهة نظرنا. وعلينا جميعاً أن ندفع باتجاه ذلك ونساهم فيه.
* وكيف يمكن لكم المساهمة في هذا المجال خصوصاً أن انتقادات تطال غياب الدور المسيحي في هذا الظرف؟
– أما عن مساهمتنا، فكلّ من موقعه وعلاقاته. الموقف السياسي والمبدئي مطلوب دائماً وحاضر، وتوسيع القدرة على إيصاله مطلوب أيضاً.
أما للغيارى وأصحاب الحمية “المشغول بالهم” على الدور المسيحي وإسهاماته وحجمه، فأسألهم أين دور 300 مليون عربي؟ ماذا يفعلون؟ ما هي قدرتهم على التأثير؟ ما هو الدور
المفترض أن يلعبه مسيحيو لبنان وسط معارك تخوضها جيوش العالم، وتوضع فيها استراتيجيات هائلة على الطاولة.
وبغض النظر عن بعض النوايا الحسنة، فإن في تكرار هذا السؤال لدى فئة معينة هدفها احباط المسيحيين”.
حراك باسيل.. “بعط”
وعن “حراك” باسيل الأخير يقول جعجع “ماذا طرح بالحراك؟ ما طرحه هو ما يطرحه معظم الصحافيين في مقالاتهم من أفكار، بينما المطلوب من السياسي أن يقترح حلولاً وخطوات عملية وآليات عمل وخطة. كل هذا الحراك “بعط” ومحاولة لتعويم نفسه. ولو حمل مبادرة معينة، لكان ترك حساباته الرئاسية جانباً، وعمل على “تجميد” (تقوية) وضع الجيش وتصليب موقفه، وهو العمود الفقري لحفظ الأمن في هذه الظروف العصيبة”.