بقلم: إحسان القاسم
وسط عتمة المشهد الاقتصادي المضطرب، الذي ابتلي به لبنان الشقيق في السنوات الأخيرة، يبرز اسم المفكر العربي طلال أبو غزاله كمنارة ثابتة للأمل للمودعين الذين تحملوا وطأة الأزمة كقوة لا تقهر في عالم المال، وداعية لا يتزعزع للعدالة. يواصل الكفاح بلا كلل من أجل حقوق المودعين في البنوك اللبنانية.
لم يكن انهيار القطاع المالي اللبناني أقل من كارثي، حيث أدى هروب رأس المال غير المسبوق والفساد المستشري وسوء الإدارة إلى تآكل عميق للثقة، مما ترك عددًا لا يحصى من المودعين في حالة من اليأس. ولكن في مواجهة هذه المحنة، اختار الدكتور أبو غزاله أن يرتقي، مسلحًا بعلمه وخبرته الواسعة وإيمانه الراسخ بقوة العدالة.
قطعًا، لم تكن جهود أبو غزاله يسيرة، وواجه انتقادات من بعض الجهات وتعرض لضغوط شديدة وثرثرة وافتراءات. ومع ذلك، فقد رفض التراجع والاستسلام واستمر في النضال من أجل حقوق المودعين. ولن يستسلم حتى يتم تعويضهم بالكامل.
وتعد الأزمة المصرفية من أوجه الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ عالميًا منذ عام 1850. وتتصاعد أصوات المودعين اللبنانيين، بالإضافة إلى عرب وأجانب، الذين يضغطون على سلطات بلادهم للتحرك دبلوماسيًا وقضائيًا من أجل استرداد أموالهم.
انفجرت أزمة المودعين بعد التظاهرات الشعبية في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث سنت المصارف التجارية اللبنانية، بإيعاز من مصرف لبنان المركزي، إجراءات ترتب عنها احتجاز أموال المودعين وسط تقارير محلية ودولية أشارت في ذلك الوقت إلى تحويل ملايين الدولارات من لبنان إلى الخارج.
في مواجهة هذه التحديات المروعة، يصبح من الضروري للحكومات والهيئات التنظيمية والمؤسسات العالمية أن يتحدوا معًا ويواجهوا القضايا العميقة الجذور التي يعاني منها المشهد المالي العالمي. يجب اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لاستعادة الثقة في الأنظمة المالية، وضمان مساءلة المسؤولين، وحماية مصالح الأفراد المجتهدين الذين يتحملون وطأة مثل هذه الأعمال التآمرية.
ويرى أبو غزاله أن عملية التلاشي السريع لمثل هذا المبلغ الباهظ من المال ليست أقل من مأساة، حيث تسلط الضوء على أعماق الفساد والجشع الذي يمكن أن يتخلل حتى أكثر الأنظمة المالية أمانًا على ما يبدو. بينما يتأرجح الاقتصاد العالمي على حافة عدم اليقين، يوضح أن اختفاء هذه الأموال يزيد من حدة التحديات التي تواجهها الدول في جميع أنحاء العالم. يتردد صدى عواقب هذا الفعل إلى ما هو أبعد من الخسارة المالية المباشرة، حيث يؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور ويشعل الشكوك في المؤسسات المالية.
يتردد صدى رسائل الدكتور طلال أبو غزاله في جميع أنحاء العالم، حيث يدافع بلا كلل عن حقوق المودعين في مواجهة الظلم المالي. لقد أكسبه التزامه الراسخ بالشفافية والعدالة تقديرًا وإعجابًا عالميًا. ومع ذلك، فمن المثير للقلق التزام الصمت المحيط بقضية بهذا الحجم، حيث تم المساس بحقوق المودعين الذين ادّخروا واستثمروا بشق الأنفس الملايين من الدولارات، دون التحرك الدولي المتوقع. يثير هذا الصمت أسئلة حول كيف يمكن للمجتمع أن يتقدم في خضم الانقسام والضعف، عندما تتردد حتى الأصوات البارزة في اتخاذ موقف.
إن عدم وجود عمل دولي ذي مغزى لا يؤدي فقط إلى تفاقم معاناة المودعين، بل يؤدي أيضًا إلى استمرار بيئة الإفلات من العقاب لأولئك الذين يسعون إلى استغلال الأزمة لتحقيق مكاسبهم الخاصة. إنه يبعث برسالة مثبطة للهمم لشعب لبنان، مفادها أن نضالاتهم يتم التغاضي عنها أو ربما تجاهلها من قبل المجتمع الدولي.