تفرض التحديات التنموية مسؤولية كبرى على مختلف فئات المجتمع، فالتنمية في النهاية هي حصيلة الجهود التي تبذلها مختلف المؤسسات العامة والخاصة والجهات التطوعية وغير الربحية.
وكل جهة من هذه الجهات لا بد وأن تؤدي الدور المنوط بها بكفاءة وفاعلية لنتمكن من تحقيق تنمية مستدامة تطال مختلف جوانب الحياة وتسهم في رفع مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص العمل اللائقة وتقديم الخدمات المناسبة.
وفي هذا السياق لا بد من الالتفات الى الاطار التشريعي الذي يحكم العلاقات بين الجهات الفاعلة ويوفر قاعدة لتنفيذ الإجراءات وبناء الأسس التي تمكن المجتمع من السير قدماً لتحقيق طموحاته التنموية وتوفر الظروف الملائمة التي تتيح التغلب على الصعوبات والبناء على الإنجازات، مع توفر الآليات المناسبة لتقييم الإنجازات وتصحيح المسار عبر معالجة ما قد يظهر من انحرافات، فالرؤية بحد ذاتها تمثل بوصلة يتم السير على هداها ووفق أهدافها لتحقيق ما يتم السعي لإنجازه ضمن الاطار الزمني والمكاني المعتمد.
وفي هذا السياق من المهم أن تتوفر المعايير المناسبة التي تساعد على قياس وتحسين الأداء وتحقيق أفضل النتائج ضمن اطار زمني واضح، وتساعد هذه المعايير على تحسين جودة الخدمات وتقليل الكلفة ومعالجة الهدر وتحقيق أفضل النتائج بما يتوفر من مقدرات وامكانيات، وهي تشكل بذلك أداة لرفع الكفاءة وتحسين القدرة التنافسية سواءً على المستوى الكلي أو الجزئي.
ولا بد أن يتم قياس الأداء وفقاً للمهمات والوظائف الموكلة للجهة المعنية، مع التركيز على الدور الذي يمكن أن تقوم به لتعزيز الجهود التنموية ذات الأثر المباشر على حياة المواطن.
كما أن القدرة على التأقلم مع تغير الظروف الاقتصادية وإمكانية استيعاب التطورات التكنولوجية وتوظيفها لتحقيق الأهداف المؤسسية تمثل أيضاً عاملاً هاماً ومؤثراً يتيح تحقيق النتائج المطلوبة وبما يلبي رغبات واحتياجات الجهات المستفيدة.
المشاركة الفاعلة من قبل الأفراد والمؤسسات الميكروية والصغيرة والمتوسطة احدى المقومات الأساسية في بناء التنمية الاقتصادية، ونحن بحاجة الى نشر وإرساء قواعد الوعي التنموي بين المواطنين وتنمية مهاراتهم لتحقيق تحول نحو رؤية شاملة تعتمد رؤية التحديث الاقتصادي وما يتمتع به الأردن من أمن واستقرار مع توفير البيانات والمعلومات اللازمة وبالاستناد الى سياسات اقتصادية تنسجم وطبيعة التطورات التي تشهدها منطقتنا.
الاضطرابات والأزمات التي تعيشها منطقتنا وما يرافقها من مخاطر تضعنا على مشارف آفاق تنموية صعبة ورغم أن الأردن استطاع خلال الفترات الماضية أن يتجاوز الى حد كبير ما ترتب على هذه الأوضاع من آثار سلبية، الا أن التحدي المتمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية لا زال ماثلاً.
وهذا يستدعي معالجة الأسباب الهيكلية الكامنة خلف تدنى نسبة النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة وتفاقم أعباء الدين العام والعجز المزمن في الموازنة العامة عبر الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المناسبة والعمل على تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال تصميم برامج وآليات قادرة على التعامل مع التحديات التنموية المستجدة يتم تبنيها عبر تعاون فعال بين مختلف الجهات ذات العلاقة وتحظى بقبول مجتمعي.