اكد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى أن:” مسؤولية التحرير التي حملها الجنوب على أكتاف أبنائه ودماء شهدائه وزغردات سيداته، تفرض الاستمرار في الدعوة إلى التلاقي والحوار، وتلقُّفِ المبادرات التي تحمي الإنجازات الوطنية الأهم على الإطلاق منذ نشوء دولة لبنان الكبير.
وأضاف:” عنيت بها التحرير الأول عام ألفين، والانتصار الكبير عام ألفين وستة، والتحرير الثاني عام ألفين وسبعةَ عشر، لأن التلاقي على حِفظِ قيم الكرامة الوطنية التي اشتركتم في رفع لوائها، هو قدرُ جميع اللبنانيين بلا تمييز، فليس لهم عنه مَحيد. ”
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته وحضوره لإطلاق فعاليات صيف صور 2023 وافتتاح شارع المشاة الثقافي في المدينة بدعوة من بلدية صور وجمعية الفرح الإعلامية وفي حضور النواب عناية عز الدين ، علي خريس ، وحسين الجشي ,رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق واعضاء المجلس البلدي ،رئيس جمعية الفرح الإعلامية علوان شرف الدين ومسوؤلين من قوات اليونيفل العاملة في جنوب لبنان اضافة الى فاعليات وشخصيات سياسية واجتماعية وثقافية من مدينة صور والجوار .
ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى :” إلى صور ينبغي لكلِّ شيءٍ أن يأتي مشيًا على قدميه: التاريخُ والحاضرُ ونسائمُ البحرِ وأخبارُ البطولات، وأصداءُ عويلِ الصهاينة تحت نيران الشهيد أحمد قصير، وبكاءُ دباباتهم الهاربين بها يوم التحرير، ينبغي لهذا كلِّه ولغيرِه معه، أن يأتي إلى مجد صور مشيًا على الأقدام، ويمرَّ تحت قوسِ نصرِها ويجولَ في حاراتِها وشواطئها، وينحني إجلالًا لما تختزنُ المدينةُ من تراثِ كبرياءْ، ومن حقيقةِ عيشٍ وطنيٍّ جامع، شدَّ أزرَه ومتَّنَ عُراه سماحةُ الإمام المغيب السيد موسى الصدر، فجعلَه عنوانًا بهيًّا لهُويّة لبنان.”
وقال :” وإذا كانت الجهة الداعية لهذا الاحتفال، قد أرادته في مستهلِّ الصيف إعلانًا لانطلاقةِ الموسم السياحي المقبل؛ فإنَّ طريقَ المشاةِ فرصةٌ ذاتُ أوصافٍ متعددةٍ تجاورُ السياحة وتتجاوزُها. فهي فرصةٌ بيئيَّةٌ وصحيَّةٌ واقتصاديَّةٌ واجتماعيةٌ، ووطنيةٌ بامتياز لأنّها تقودُ الخطى إلى ديوانِ القيمِ العليا التي جعلتْ من صور سيدةَ البرِّ المحرّرِ كما كانت في زمانِها القديم سيدةَ البحر المستعبَدِ الذي عبَّدَتْه لأمرِها أساطيلُها.”
وأضاف :” على أنَّ هذه الأوصافَ مجتمعةً لا يمكن حمايتُها والاستفادة من أبعادها في سبيلِ تنميةِ المدينة، إلا إذا واظب أهل صور وقياداتُها كما هم عليه الآن، من اعتبار العملِ العامِّ هادفًا إلى تحقيق الخير العام بمعناه الواسعِ الشامل، وأساسُ ذلك المحافظةُ على ما يجمعُ المواطنين ولو تفرّقت خصوصياتهم، لأنَّ الاختلاف شيءٌ من طبيعةِ الحياة، تحقيقًا لقوله تعالى في محكم تنزيله: (وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتَعارفوا)، فالأصلُ هو التمايز الذي يحملُ إلى التعارفِ فالتفاهم فالتعاضد على عِمارةِ الوطنِ والأرض.”
وتابع المرتضى :”غير أنه لا يدخلُ في إطار حقِّ الاختلاف، الذي هو في الأصل قيمةٌ دينيَّةٌ وإنسانيّةٌ ساميةٌ كما أسلفْت، أن تُصبحَ الممارسةُ السياسيةُ سبيلاً بيِّناً إلى الفُرقةِ والشقاق وبالتالي إلى الخراب الوطني الشامل. ذلك يحصلُ عندما تنكبُّ كلُّ جماعةٍ (وإذا شئتم كلُّ أحدٍ من هذه الجماعات) على البحث عن السِّمات التي يخيَّلُ إليه أنَّه بها مختلفٌ عن مواطنِه، أو بتعبيرٍ أوفى، أفضلُ منه. فيرفضُ اللقاء والحوار ويمارسُ أصنافَ العصبيات، ويُفصِّلُ القيم الوطنيةَ على مقياس مفاهيمه، ولا يكفُّ عن الأعمال والتصرفات التي تُحوِّلُ الوطنَ إلى أشلاءِ وطنٍ تنهشُها الغرائزُ وتُنشِبُ فيها المخالبَ خطاباتُ التحريض.
وأردف قائلاً :” ولعلَّكم يا أهل صور، في خضمِّ هذه الأزمة التي نعيش، تستمعون يوميًّا إلى مثل هذه الخطابات التي لا يريد أصحابُها إلا ممارسةَ فنِّ الإقصاء، على الرَغم من خيباتِهم المستمرة بفعل وعيكم وصمودكم، لكنني أعيد التأكيد أن مسؤولية التحرير التي حملها الجنوب على أكتاف أبنائه ودماء شهدائه وزغردات سيداته، تفرض الاستمرار في الدعوة إلى التلاقي والحوار، وتلقُّفِ المبادرات التي تحمي الإنجازات الوطنية الأهم على الإطلاق منذ نشوء دولة لبنان الكبير، عنيت بها التحرير الأول عام ألفين، والانتصار الكبير عام ألفين وستة، والتحرير الثاني عام ألفين وسبعةَ عشر، لأن التلاقي على حِفظِ قيم الكرامة الوطنية التي اشتركتم في رفع لوائها، هو قدرُ جميع اللبنانيين بلا تمييز، فليس لهم عنه مَحيد. وهذا في كلِّ حالٍ واحدٌ من معالم تراثِ صورَ المستمرِّ في نفوسِ أجيالِها إلى الآن.”
داعياً إلى:”الاستفادة من المواسم جميعِها لتحريك عجلة الاقتصاد في المدينة وقضائها والجوار، وكذلك لبثِّ الوعيِ العام حول هذه القيم الأصيلة. وهذا بالحقيقة ما تنادي به على الدوام وزارة الثقافة في جميع الفعالياتِ التي تشهدها أو تقوم بها التزاماً بنهج دولة النبيه الأمين وسماحة الأمين النبيه ورؤيتِهما الواحدة المتطابقة التي تدعونا الى وحدة ساحتنا الداخلية والى وحفظ التنوّع والفرح فيه وتمتين عيش المعيّة وهذا بالنسبة لهما، ولكلّ لبنانيٍّ واعٍ ومسؤول، واجبٌ ديني وواجبٌ أخلاقي وضرورةٌ وطنية وهو المفتاحُ الذهبيُّ لبوابة الانتصار ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج سوف نظلّ ثابتين كثنائي وطني في وحدةٍ كالبنيان المرصوص ولن نبدّل تبديلا. ”
واستطرد المرتضى بالقول :” وقبل الختام نُعرّج على صفحةٍ مجيدة متمثّلةٍ بما جرى اليوم وقبل أيام من مواجهةٍ بطولية بين احرارٍ من بلادنا والمحتلّين أعداء الإنسانية، ونقول من ههنا ….من صور الصدر والحضارة الإنسانية والمقاومة وزرقة البحر، أنّ لا تطبيع مع الكيان الغاصب وأنّه ليس بيننا وبينه الاّ نزالٌ نخوضه في كلّ مرّةٍ متسلحين بإيماننا بحقّنا وبيقيننا بأنّنا على أهبة النصر الأكيد المنذور للوطن كله…كما نكرّر ما قلناه اليوم في مناسبةٍ سابقة أنّ أبلغ ما يستفاد من مواجهة كفرشوبا البطولية، أنّ لبنانيين أحراراً إقترعوا خلالها بالأفئدة الشجاعة والأقدام الثابتة في الأرض والقبضات المصرّة على المقاومة…اقترعوا وانتخبوا بالإجماع رئيساً للجمهورية… حرًّا مقاومًا… ونُضيف لهؤلاء الذين تقاطعوا بعد أن جمعت بينهم رغباتهم الرامية الى محاولة قطع الطريق على مرشّحنا الشريف الأبيّ الحرّ الوطنيّ العربيّ المسيحي…نقول لكلّ واحدٍ من هؤلاء: كدْ كيدك واسعَ سعيك فوالله لن تحصد الاّ الخيبة وما رأيك الاّ فَنَد وجمعك الاّ بدَد، فلبنان كان وسيبقى حرّاً مقاوماً ولذلك فإنّه لا رئيس للبنان الاّ الحرّ الأبيّ الحافظ للمقاومة والحاضن لكلّ اللبنانيين الذي يصون الصيغة اللبنانية ويعمل على بقاء وحدة الكيان.”
وختم النرتضى:”بوركت صور وأهلُها ودامت مدينةً للصمود والكرامة وعيش المعيّة .عشتم جميعاً وعاشت المقاومة ليبقى لبنان. “