لا تزال مشاركة المرأة في القوى العاملة في لبنان ضئيلة حيث لا تصل نسبتها إلى 28%، أي ثلث معدلات مشاركة الرجل تقريبًا. وتعود أسباب هذه الظاهرة إلى قيام النساء بـ94% من مهام رعاية الأطفال، ما يحدّ من فرصهنّ في متابعة المسار الوظيفي. هذا أبرز ما ورد في دراسة قانونية أصدرتها اليوم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) حول إمكانية إطلاق العمل المرن في لبنان وتنفيذه.
وقد قامت الإسكوا بهذه الدراسة بناءً على طلب من لجنة المرأة والطفل النيابية بغرض إدخال العمل المرن بشتّى أشكاله في قانون العمل المحلي، لا سيّما وأن قانون العمل اللبناني يخلو من أي نص ينظّم ترتيبات العمل المرن. وتم إطلاق الدراسة وعرض نتائجها في المكتبة العامة لمجلس النواب اللبناني وتخلله كلمة لرئيس المجلس نبيه برّي، والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، ووزير العمل اللبناني مصطفى بيرم.
وألقت كلمة برّي رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية عناية عزالدين حيث سلطت الضوء على دور قانون العمل المرن في تحقيق التوازن بين متطلبات سوق العمل المتغيّرة وحماية حقوق العمال. وأضافت أن أهمية هذا القانون تكمن في توفير الإطار القانوني اللازم للشركات لتنفيذ نماذج العمل المرنة وتكييفها وفقًا لاحتياجاتها وتطورات السوق، ما يتيح لها استخدام الموارد البشرية بفعّالية أكثر والتكيف مع التغيرات الاقتصادية.
ويمكن تصنيف أشكال العمل المرن وفق وقت العمل أو مكانه، وتشمل هذه الأشكال العمل عن بعد؛ والعمل لبعض الوقت (العمل الجزئي)؛ والمرونة في الانتقال من عمل بدوام كامل الى العمل لبعض الوقت تلبية للظروف المستجدة للعامل/ة؛ والعمل وفق دوام عمل مرن؛ والمرونة في تعديل دوامات العمل وفق مناوبات؛ والعمل المؤقت؛ والعمل التشاركي؛ والعمل المضغوط أو أسبوع العمل المضغوط.
وفي كلمتها، اعتبرت دشتي أنه من الضروري إعداد وإقرار نصوص قانونية تنظم العديد من الجوانب المرتبطة بقطاع الرعاية لا سيّما وأن هناك حاجة إلى تعديل قانون العمل لكي يشمل ترتيبات العمل المرن بما يتيح للمرأة خيار الملاءمة بين مسؤولياتها الرعائية وحقها بالمشاركة في سوق العمل وفق أنماط تتناسب مع ظروفها الخاصة. كما شددت على أهمية الدور الذي يلعبه القانون في دفع عجلة الاقتصاد.
وبناءً على نتائج الدراسة القانونية، تقدّمت عزالدين باقتراح قانون لتعديل بعض أحكام قانون العمل ليشمل ترتيبات العمل المرن في لبنان، بهدف تخفيف عبء أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر على النساء وتشجيع مشاركتهن الاقتصادية وتحسين المساواة بين الجنسيْن.
كما ألقت إيمان خزعل كلمة الوزير بيرم أشارت فيها إلى مشاريع القوانين التي وضعتها الوزارة إزاء قصور النصوص الموجودة حاليًا والتطور التقني الذي انعكس على عالم الإنتاج وأنماط العمل. وأكدت أن الوزارة تدعم أي توجه لتعديل التشريعات وقانون العمل لأن ذلك يُعتبر خرقًا إيجابيًا للواقع الراهن.