منفذية الكورة في “القومي” تحيي عيد التأسيس بندوة حاشدة “الحرب ومستقبل المنطقة”
غسان جواد: طوفان الأقصى خلط الأوراق وأسقط مسار التطبيع..
وما تقوم به المقاومة في لبنان أهدافه سياسية ووطنية.. وقوة المقاومة ستنعكس إيجابياً على الداخل
أحيت منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي عيد تأسيس الحزب، فأقامت ندوة بعنوان: “الحرب ومستقبل المنطقة”، تحدّث فيها الصحافي والكاتب السياسي غسان جواد، وحضرها النائب جورج عطالله، النائب أديب عبدالمسيح مُمَثلاً بالمحامي سليم بولس، وفد من حزب الله ضمّ عضو المجلس السياسيّ الحاج محمد صالح والحاج فؤاد أسعد، وفد من حركة أمل ضمّ مسؤولها في الشمال الحاج بسام سلامة والحاج علي حسن، منسّق لقاء الأحزاب والقوى والشخصيّات الوطنيّة مهدي مصطفى، مسؤول تيار المردة في الكورة بربر معراوي، منسق التيار الوطني الحر في الكورة غسان كرم، مسؤول حزب البعث العربي الاشتراكي في الكورة حسين عبد الكريم محمد، وفد من الجماعة الإسلاميّة في الكورة، فادي غصن مُمَثلاً بالدكتور نجيب غصن، كاتب العدل في الكورة رمزي زيدان، النقيب حبيب حبيب، رئيس بلديّة كفتون نخلة فارس، رئيس بلدية كفرحزير فوزي المعلوف، رئيس بلدية النخلة جمال الأيوبي، رئيس بلدية قلحات باخوس وهبي، وأعضاء مجالس بلدية ومخاتير من مختلف بلدات الكورة، أطباء ومحامون ومهندسون ومثقفون ومهتمون.
كما حضر الندوة إلى جانب منفذ عام الكورة عبدالله ديب وأعضاء هيئة المنفذية، عضوا المجلس الأعلى كمال نادر وجورج ديب، رئيس هيئة منح رتبة الأمانة الياس عشي، وكيل عميد الإذاعة شادي بركات، منفذ عام البترون د. جاك رستم، وعدد من أعضاء المجلس القومي وجمع من القوميين والمواطنين.
استهلّت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومن ثم دقيقة صمت تحية للشهداء، ثم ألقى ناظر الإذاعة في منفذية الكورة وهيب سالم كلمة ترحيب وتحدّث عن معاني المناسبة.
كلمة المنفذيّة
وكانت كلمة لمنفذ عام الكورة عبدالله ديب أكد فيها أن الحزب السوري القومي الاجتماعي بفكره وعقيدته، تأسّس حركة صراعيّة في مواجهة العدو اليهوديّ ـ الصهيونيّ، والصراع مع هذا العدو هو صراع وجوديّ، حتى زوال كيانه الاغتصابيّ عن أرض فلسطين.
وأشار ديب إلى أن المشروع الصهيوني العنصري الاستيطاني المعادي يلقى كل الدعم من اللوبيات اليهوديّة في العالم، ومن الدول الاستعمارية، ولذلك نحن معنيون بمقارعة هذا المشروع وداعميه، لأننا ندافع عن أرضنا وحقنا وحقيقتنا.
وأكد ديب أن جرائم العدو الصهيوني ومجازره المرتكبة بحق أبناء شعبنا واحتلاله أرضنا وتهويدها، كل هذا الإجرام والإرهاب، نتيجة تعاليم توراتية ووصايا تلمودية، وغريزة عنصرية حاقدة تعادي الإنسانية جمعاء.
جواد
ثم تحدّث الصحافي والكاتب السياسي غسان جواد عن واقع المنطقة تاريخياً وحالياً وما هو آتٍ، فقال: “نحن في هذه البلاد لم نستقرّ ولم نشهد يوماً من الصفاء والاستقرار الجدي في ظل وجود كيان الاحتلال الصهيوني، والخطر الذي يشكله هذا العدو، وهو خطر كتب عنه وحذر منه الزعيم أنطون سعاده منذ ثلاثينات القرن الماضي وأسس للكتابة حول مخاطره، ومخاطر وجود هذا الكيان على كل المنطقة وعلى الأمة، (…) وفكر انطون سعاده حيّ ونراه من خلال قوى الأمة التي تقاوم العدو بثبات وارادة. وسعاده هو الذي دعاً مبكرا إلى وضع خطة نظامية معاكسة في مواجهة العدو الصهيوني الذي يحاربنا في ارضنا بخطة دقيقة”.
وانطلق جواد من فلسطين حيث الحدث اليوم، إلى مشيراً إلى أنه منذ تمّت زراعة “إسرائيل” في منطقتنا لم يعُد هناك ملفٌّ محلي فلسطيني وملف محلي مصري لأن “إسرائيل” ككيان استعماري يهودي تم استخدامها من قبل الرأسمالية والإمبريالية العالمية كشعب وكديانة في إطار التأسيس كمشروع استعماري استيطاني في هذه البلاد له وظائف على مستوى الجغرافيا السياسية والاقتصادية”.
أضاف جواد: من وظائف الكيان الصهيوني أن يشكل نقطة متقدّمة للسياسات الغربية في هذه المنطقة، وبالدليل، فقد رأينا رأينا الأهمية التي توليها منظومة المصالح الغربية والأميركية لـ “إسرائيل” من خلال مسارعة الولايات المتحدة الأميركية بعد السابع من تشرين الاول الماضي الى إعلان وقوفها مع “اسرائيل” بحيث جاء وزير خارجية اميركا وشارك في مجلس الحرب وحكومة الحرب وتبعه رئيسه جو بايدن. وهو أول رئيس أميركي يحضر الى كيان الاغتصاب في ظل أوضاع ملتهبة ومستوى عالٍ من المخاطر، وظهر في الحقيقة أن الدولة العميقة غير موجودة في “إسرائيل”، بل في الولايات المتحدة الاميركية وهذه الحرب التي تجري اليوم على غزة بمستوى من مستوياتها هي حرب إسرائيلية إلا انها بمستويات أخرى هي حرب اقليمية على الفلسطينيين وعلى المقاومة في المنطقة وحرب دولية اميركية، الهدف منها نزع أوراق القوة من القوى التي تقاتل وتواجه المشروع الاستعماري في المنطقة وترفض الاستسلام، على الرغم من كل ما جرى في الـ 75 عاماً الماضية والمحاولات لتقويض كل عوامل الوحدة والقوة في هذه البلاد”.
وقال: “عندما أتواجد في الكورة ففي ذلك ترجمة لفكرة المساحات المشتركة بيننا جميعاً كأبناء هذه البلاد، وفكرة التكامل السياسي والثقافي والاجتماعي والتفاعل الإيجابي، لأننا نشهد موجة من الدفع نحو الهويات الضيقة والغرائزية والطائفية والمذهبية والتي تحاول إخافة الناس من بعضهم البعض، والقول إن التنوع الذي نعيشه بدل أن يكون تنوعاً يمثل غنىً في هذه المنطقة أن يصبح هذا التنوّع مدعاة خلق هويات صغيرة أعلى من الهوية الوطنية والهوية التي تمثل الجميع، لذلك تحية للحزب السوري القومي الاجتماعي ولكل طرف يتحدّث بلغة الهوية الواحدة اللاطائفية”.
وأكد “أننا نحتاج إلى الوحدة والمقاومة في كل بلادنا سواء في لبنان وسورية والعراق من أجل أن نحافظ على وجودنا ونعمل على نزع تأثير الاستعمار من بلادنا والتأسيس لبناء دول حديثة وطنيّة تخترع وتصنّع، وتستثمر في عقول شبابها وأجيالها الصاعدة وتعتمد على ذاتها ومواردها وثرواتها وتتخذ قرارها بشكل مستقل وليس وفق الأجندات الإقليمية والغربية، وتلك الإقليمية المتحالفة مع الاجندة الغربية”.
وتساءل جواد عن سبب فشل دولنا في بناء مقدراتها فيما نجحت دول كماليزيا وإندونيسيا والصين.. قائلاً: “في مرحلة التحرر الوطني التي عشناها في الستينيّات والخمسينيّات وحين كانت كل من مصر وسورية والعراق دول خارجة من ظل الاستعمار ومن المفترض أن تؤسس لقوة اجتماعية واقتصادية، السؤال لماذا فشلت التجربة المصريّة وكذلك السوريّة والعراقيّة؟ ونجحت التجربة في إندونيسيا وفي ماليزيا والصين والهند التي كانت في الخمسينيّات تشبهنا.. برأيي السبب أن الاستعمار خرج من هذه البلاد ولكنه أبقى وكلاءه عبر اسرائيل بهدف تفتيت المنطقة”.
وأشار جواد إلى أن “الهويات التي نشأت بعد “سايكس بيكو” هي هويات وطنية نعترف بها وننتمي اليها، لكنها تؤسس لحالة انعزال إذا لم تكتمل بالانفتاح والتفاعل الطبيعي بين بعضها البعض. الإمام موسى الصدر شدّد على أن لبنان وطنٌ لجميع أبنائه، لكنه أكد أن بوابته الى العروبة والى المنطقة هي سورية وأننا لا نستطيع أن نكون لبنانيين من دون الارتكاز الى مصالحنا الاستراتيجية في المنطقة التي تبدأ من فلسطين الى سورية الى العراق الى عمقنا الاستراتيجي بالمعنى الجغرافي والمصلحي، وهذا ما نسمّيه اليوم التوجّه شرقاً.. التكامل بين شعوب ودول المنطقة من اجل التأسيس لدول اقتصادها قويّ ومجتمعاتها منسجمة تنطلق من قواسم مشتركة وطنيّة ولا خلاص لهذه المنطقة إلا بهذا المشروع بحيث التشبيك بين كل الدول من لبنان الى الأردن والعراق وسورية عبر بنى تحتية اقتصادية وتجارية لننشئ منطقة قوية بمنظومة اقتصادها ومصالحها الاستراتيجية والجوهرية”.
وتناول جواد خطورة الفكر الصهيوني العربي، فقال: “الغباء أن يفكر البعض أنه إذا لم نعتدِ على “إسرائيل” فهي لن تعتدي علينا، وهذا يقع تحت عنوان ولادة فكر صهيوني عربي للأسف، ولم يعد من الضروري أن تكون يهودياً حتى تعتنق الصهيونية، المشروع الاستعماري الغربي استثمر في اليهود وخلق لهم عداوات لن تنتهي، في التأسيس للمشروع الصهيوني وخلال المداولات خرج مقترح لإنشاء فيدرالية يهودية في الدولة الفلسطينية وأكبر دليل على أن هذا المشروع هو استعماري ان أول من اطلق نداء ليهود الشتات ليتجمعوا في فلسطين كان نابليون بونابرت سنة 1799 عندما غزا عكا وحاصرها، وبالطبع التنافس بين انكلترا وفرنسا أفشل هذا الأمر في حينه، ومن ثم في 1840 عادت بريطانيا لتأخذ الملف من الفرنسيين وعملت على تأسيسه وأول مستوطنة تأسست عام 1881. وهذا الزرع لبذرة المشروع الصهيوني تزامن مع تحضير البلاد لتتقبل فكرة “اسرائيل” من خلال التفتيت والتقسيم والدفع نحو الهويات الضيقة والغرائزية والمذهبية والعشائرية.. كل ما عشناه منذ بداية الأزمة السورية وصولاً إلى يُسمى 17 تشرين، مع احترامي للأهداف النظيفة التي يطرحها من يريد وطناً بلا فساد، كل ذلك أدى بنا الى نتيجة كارثية”.
واشار الى التأثير السلبي لما حصل في السابع عشر من تشرين بمنأى عن المطالب المحقة: “الهدف من 17 تشرين هو جرّ القوى المقاومة التي تحمل مشعل المواجهة الى خلاف مع البيئات المؤيدة لإضعافها وأكثر من ذلك الهدف القول للبنانيين إننا لا نشبه بعضنا بحيث يصبح التنوع مشروع خلاف يؤدي الى التقسيم”.
وتناول جواد واقع ما حصل في غزة وعملية طوفان الأقصى بالتوازي مع مسارات التفاوض، فقال: “مسار الحوار الاميركي الإيراني يسير بشكل جيد ومسار الحوار السعودي الإيراني كذلك، ولكن ما حصل في فلسطين خلط الأوراق، الفلسطينيّون تحركوا في مواجهة مسار التطبيع وقلبوا الطاولة ومحور المقاومة تلقف العملية وساندها. قبل السابع من تشرين كانت المنطقة ذاهبة إلى التطبيع والقضيّة منسيّة، ولكن بعد هذا التاريخ تغيرت المعادلة وتمّ ضرب فكرة الأمن الموجودة في ذهن الإسرائيلي وجرى اذلال وسحق وتدمير القوة العسكرية الصهيونية وإظهارها على حقيقتها الجبانة والقاتلة. وبالتالي لا بد أن يأخذ الفلسطيني حقه في نهاية المطاف والمعركة مستمرة الى جانب المسار السياسي”.
وختم قائلاً: “جبهة المساندة التي فُتِحت في لبنان كانت للتخفيف الضغط عن غزة، وكل الموفَدين الذين أتوا الى لبنان شهدوا أنها جبهة ساخنة ولكنها واعية وعملياتها مدروسة وقادرة على الضغط والتأثير، ما تقوم به المقاومة اليوم على الجبهة الجنوبية هو لمنع الحرب الكبرى عن لبنان مع الإشارة إلى أن الحرب القائمة طويلة وستكون لها موجات متتالية. ما تقوم به المقاومة في لبنان أهدافه سياسية ووطنية وهذه المواجهة مستمرة الى حين وقف العدوان على غزة وهذا الإداء وهذه القوة ستنعكس ايجابياً على الداخل لحل الازمة واعادة تكوين السلطة”.
وبعد انتهاء الندوة قدّمت منفذية الكورة درعاً تكريميّة لجواد وباقة ورد تسلمها من الطالبيتن مريم الأيوبي ونور الفحل.